بوصفك معلماً في القرن الواحد والعشرين، وبينما تعمل على التحضير لقائمة أعمالٍ تنوي القيام بها في العطلة الصيفية، هل فكرت في مراجعة ما جرى في الصفوف من قضايا ومشكلات مررت بها خلال العام الدراسي؟ و هل خطر في بالك القيام بتدوين خبراتك التربوية والتعليمية؟ وهل من الضروري أن تُطلع عليها الآخرين؟
إن بحثت قليلاً على الإنترنت ستعثر على مجتمعٍ نابضٍ بالحياة يضم كثيراً من فئات المربين والمعلمين والأكاديميين المختصين والمهتمين بقضايا التربية والتعليم، هذا المجتمع هو عالم المدونات التعليمية، و تعتبر العطلة الصيفية الوقت المثالي لزيارة هذا المجتمع لتنهل من مقالاته المتنوعة المضامين، ولتترك بصماتك فيه.
ما هو التدوين التعليمي الإلكتروني؟ وما أهميته؟ وكيف تبدأ بهذا النوع من التدوين؟ مجموعة من الاستفسارات لابدّ أنّها خطرت لك … هلمّ بنا نجيب عنها معاً.
التدوين التعليمي الإلكتروني:
تعتبر عملية التدوين بشكلٍ عام، والتدوين التعليمي بشكلٍ خاص من الأنشطة الأكثر فائدة في مجال التنمية المهنية، والانتقال من مقاعد المهتمين إلى مقاعد المحترفين، فالكتابة ومشاركة الأفكار، ونشر المعرفة التخصصية على مواقع الإنترنت من أفضل الأدوات لتطوير الاحتراف في أي تخصص، و سيُمكّنك التدوين من تطوير مهارات الكتابة على أقل تقدير، واستغلال الوقت بما هو مفيد. و مما لا شك فيه أنّ كلّ واحد منا – كمعلم – يمتلك في جعبته تجارب هائلة، وخبرات متنوعة داخل قاعات الدروس وخارجها، والكثير من استراتيجيات إدارة الصفوف، غالبيتها تستحق المشاركة، فإمّا أن تُلاقي الدعم والإطراء، أو تواجَه بالنقد .
و نحن هنا من منبر ( تعليم جديد ) ندعوك لخوض هذه التجربة والبدء بالتدوين، والكتابة لجمهور حقيقي، يتقاسم معك الكثير من اهتماماتك ويُناقشك بكلّ حيادية، فتتلقى تعليقات وملاحظات حقيقية و مفيدة؛ من أجل تعديل خططك فتقدم الأفضل للبدء بالعام الدراسي الجديد.
وإن تساءلت عن أهمية التدوين التعليمي، فهناك قائمة من الأسباب الوجيهة التي تحتم على كلّ معلم التفكير بالتدوين:
1 – يُحسن التدوين تجاربك الصفية:
تمثل التدوينات سجلاً شخصياً مستمراً للأعمال الصفية، والقضايا التي تواجه المعلم أثناء تواصله مع الطلبة، وخلال تعاطيه مع المحتوى التعليمي، ستجد في كلّ مرة تعود فيها إلى تدويناتك السابقة الطريقة اللازمة للقيام بالتجارب ذاتها على نحوٍ أفضل.
2 – يُغير التدوين نظرتك للأمور:
يُحسن من طريقتك في جمع الأفكار وصياغتها وإعادة بنائها بشكل منظور، فنحن لا نعرف حقيقة ما نفكر به بشكل واضح إلا حين نكتبه.
3 – يُدخلك التدوين صفوفاً في دول مختلفة من العالم:
يجعلك التدوين تنفتح على تجارب الآخرين، بحيث تتعلم منهم، فتوسع دائرة تجربتك الصفّيّة وكأنّك تدخل صفوفاً في دول بعيدة وتخوض تجارب وتسعى لحل إشكاليات لم تواجهها من قبل، ويتعلمون منك، فتجاربك لا تقل أهمية عن غيرها، بل إنّها قد تكون قارب نجاة للكثير من المواقف الصفية التي يجدونها صعبة الإدارة، كما ستنظر لخبراتك بعيون الآخرين فتستمع إلى الانتقادات المختلفة التي تعدل من مساراتك. وقد تحصل على تعليقات ثمينة من القراء منها ما يؤيد وجهة نظرك وهذا يساعدك في إثبات ممارساتك المحترفة، ومنها ما يناقضها فتتعلم من النقد البناء.
4 – يطور التدوين مهاراتك في القراءة:
لكي تكتب بشكل جيد، لا بدّ أن تقرأ الكثير، فالدأب على القراءة يزيد من ثقافتك، ويفتح لك أبواباً فتتعلم الكثير. لذا يُحسّن التدوين مهاراتك القرائية ويشجعك على قراءة المزيد من المراجع، ويصقل قدرتك على تحليل وتركيب وترتيب المعلومات الجديدة.
5 – التدوين بين الجدة والجودة:
ستقوم بتطوير طرق جديدة ومبدعة للأفكار التي تريد نشرها من خلال الصور والقصص والفيديوهات والتسجيل الصوتي والاقتباسات وروابط لمصادر الويب ذات العلاقة. و لتتمكن من فعل ذلك ستجد نفسك تدريجياً تطور مهاراتك وتدخل في مراحل متقدمة تجعلك تكتب تدوينات ذات جودة عالية.
6 – يُساهم في بناء المحتوى الرقمي العربي:
ستتمكن مع الوقت من بناء مكتبتك الخاصة من المحتوى التربوي التعليمي المفيد لزملاء المهنة، و بذلك ستوفر عليهم الكثير من الوقت الذي يقضونه في البحث ضمن المصادر ومواقع الإنترنت المختلفة.
صعوبة لكن تُذلّل:
مما لا شك فيه أنّ كتابة أيّ شيء ستحتاج إلى عدة ساعات أو حتى لأيام. فهي عملية تستلزم الكثير من الوقت والتنظيم، ولكنك مع الوقت ستجدها عملية مثيرة للاهتمام، خاصة عند الخوض في عمق المواضيع التي تطرحها وتناقشها، وفيما بعد ستنتظم أفكارك ويتسارع تقدمك. كما ستعكس تدويناتك أفكاراً عن شخصيتك وأسلوبك في التدريس وتفضيلاتك واعتقاداتك وقراءاتك. و ستكتشف مع الوقت أنّه سيكون لديك جمهورك الخاص الذي ستهتم بمتابعته و تقديم الأفضل له.
والآن عالم التدوين يرحب بك فأطلق قلمك ولا تبخل بتجاربك وخبراتك، واعلم أننا في تعليم جديد سنرحب دائما بإبداعاتك و تدويناتك وسنكون بوابتك إلى إثراء المحتوى العربي في مجال التربية و التعليم.